[مسألة: دفع إليه عشرة دنانير يبلغها الجار وأشهد عليه بدفعها]
مسألة وسئل مالك عن عبد دفع إليه عشرة دنانير يبلغها الجار وأشهد عليه بدفعها وكتب معه كتابا إلى من يبلغها إليه، فقدم الجار ودفع الكتاب فسأله عن الذهب فجحده إياها، ثم إنه قدم المدينة فقال له: الذهب، فقال له: ما دفعت إلي شيئا، فقال: إني قد أشهدت عليك، قال: فإن كنت دفعت إلي شيئا فقد ضاع مني، فقال مالك: ما أرى عليه إلا يمينه، قيل لمالك: قد جاء هذا منه، قال: لا أرى عليه إلا يمينا، وقال ابن القاسم في سماع أشهب من قول مالك: إنه ضامن.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد تكررت في مواضع منها ما في رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب القراض، وما في سماع عيسى من كتاب الشركة، ووقع الاختلاف فيها مجموعا في رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب القراض، فيتحصل فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه يصدق مع يمينه بعد الإنكار في دعواه الرد أو الضياع، والثاني أنه لا يصدق في شيء من ذلك بعد الإنكار، والثالث أنه يصدق في دعواه الضياع ولا يصدق في دعواه الرد. ومن هذا الأصل من ملك امرأته بكلام يقتضي التمليك فقضت بالثلاث فأنكر أن يكون أراد بذلك الطلاق، ثم قال: أردت بذلك واحدة، فقيل: إنه لا يصدق إذا أراد واحدة بعد أن زعم أنه لم يرد بذلك الطلاق، وقيل: إنه يصدق في ذلك مع يمينه، والقولان في رسم كتب عليه ذكر حق من سماع ابن القاسم من كتاب التخيير والتمليك. ومن هذا الأصل أيضا أن يدعي الرجل على الرجل دعوى فينكرها، فلما قامت عليه البينة جاء بالمخرج منها من بينة على البراءة أو دعوى لو جاء بها قبل الإنكار لقبل منه وما أشبه ذلك، فقيل: إنه لا يقبل منه، وقيل: إنه يقبل منه، وقيل: إنه لا