إلى ما سوى ذلك، من كسوة وغيرها، فالصدقة عليه بالدراهم أفضل، وإذا علمت أنه محتاج إلى الطعام فستغنى في ذلك الوقت عما سواه، فإطعامه الطعام أفضل، وإذا لم يعلم إلى أيهما هو أحوج لم يفضل أحد الوجهين في حقه على الآخر كما قال مالك، فهذا هو الوجه الذي تكلم عليه والله أعلم. فإن وافق في غيب الأمر الوجه الذي هو إليه أحوج كان أجره فيه أعظم، وإن لم يعلم هو ذلك، وإن كان من الشدة والمسغبة فإطعام الطعام فيه أفضل، وإذا كان زمن الرخاء والسعة، فالتصدق فيه بالدرهم أفضل. وبالله التوفيق.
[مسألة: يمرض فيجعل لله عليه الشيء يتصدق به إن شفاه الله]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يمرض فيجعل لله عليه الشيء يتصدق به إن شفاه الله، فيعافى وله أقارب وموالي محتاجون، أفترى أن يعطيهم مثل ما يعطي غيرهم؟ قال: أرى أن يعطيهم ويقل لهم، ويعطي غيرهم أكثر، وإني إنما أخاف ذلك خوفا أن يجهر له، وليستتر بذلك، فإن السر ليس كغيره. وهذا إذا أعطاهم لا أحب ذلك بموضع الحب والثناء وغيره ممن لا يستتر به لا يعرفه، فالسر أعجب إلي، قيل له: أفلا ترى أن يعطيهم؟ قال: أرى ألا يكثر لهم، وليستتر بذلك ما استطاع. ولقد رأيت رجلا من أهل مصر، وهو يسأل ربيعة عن ذلك ويقول: إني لا أحب أن أرى رائحا إلى المسجد، فكأنه أنكر ذلك من قوله، ولم يعجبه أن يحب أحد أن يرى في شيء من أعمال الخير. وقلت له: وما ترى في التهجير إلى المسجد قبل الظهر؟ قال: ما زال الصالحون يهجرون، وإن صلاة الرجل في بيته من النافلة أفضل منها في جماعة الناس، وهو أعلم بنيته، حتى لا يبالي مما أحسنه إن أحب، والسر أفضل من ذلك قال الله تبارك وتعالى:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٧١]