القرآن، ولا في شيء من السنن والآثار نص جلي يوقف عنده، والذي نشاهده ونعلمه بالمعاينة نزول الماء من السحاب، ولا ندري هل تسوقه من بحور الأرض أو من بحور السماء، أو هل يخلقه الله عز وجل في السحاب عند نزوله، وكيفما كان فالقدرة فيه عظيمة، والاعتبار به واجب، والشكر لله تعالى على إنعامه به على خلقه لازم، واختلف في قوله في هذه الآية:{بِقَدَرٍ}[الحجر: ٢١] ، فروي عن ابن عباس أنه قال: ما عام بأكثر مطرا من عام، ولكن الله تعالى يصرفه حيث يشاء وقرأ:{وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا}[الفرقان: ٥٠] ، وقيل: معناه مفترقا نثرا، وليس بمجتمع صبا، وهو أظهر، والله أعلم.
[مسألة: بينهم بئر يسقون عليها فاقتسموها على مناضح خمسة]
مسألة وسئل عن قوم كانت بينهم بئر يسقون عليها، فاقتسموها على مناضح خمسة هكذا، وكل واحد منهم يسقي من منضحته، ثم إن بعضهم انقطع من ناحية منضحته الماء، وارتفع تلقاءه التراب، فلا يقدر على أن يسقي شيئا، يرسل الدلو فيخرج ولا ماء فيه، ومنهم من يسقي على حاله، أفيسقي معهم من مناضحهم، أم يكفوا حتى يسقوا جميعا؟ فإنه قد دعا هو إلى ذلك فأبوا عليه، وقالوا له: اضرب لنفسك، فقال مالك: إني لا أرى لمثل هذا فيه سنة بينهم جارية، فقيل له: قد اختلف في ذلك، فقال: أرى أصوب ذلك أن يقضى عليهم أن يضربوا في البئر حتى يسقوا جميعا.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه إن لم يكن لهم سنة جارية بينهم من عرف قد عرفوه، واستمر العمل عليه عندهم؛ وجب عليهم