لضرورة أو لغير ضرورة. ويبين ذلك من مذهبه قوله في نوازله من هذا الكتاب: إنه كالكلب المخلى على القذر والنجاسة، فيتيمم ولا يتوضأ بسؤره. ووجه القول الأول أنه لما كانت النجاسة إن كان قد تناولها بفيه لا تثبت فيه ويزيل عنها منه الريق حمله على الطهارة حتى يوقن فيه بالنجاسة، ولم يحمله في القول الثاني على الطهارة ولا على النجاسة، فكره الوضوء به مع وجود سواه، ولم ير أن ينتقل عنه إلى التيمم إن لم يجد سواه، وهو على مذهبه في المدونة محمول على النجاسة مثل قول سحنون؛ لأنه لما كان لا يرع عنها صار عنده كالكلب المخلى عليها.
[فصل: إن تحققت طهارة يد وفم النصراني فهل يجوز استعمال سؤره]
فصل فإن تحققت طهارة يده وفمه جاز استعمال سؤره وما أدخل فيه يده وإن وجد غيره، وإن تيقنت نجاستهما لم يجز استعمال شيء من ذلك وإن لم يجد غيره، وإنما الاختلاف إذا لم يعلم طهارتهما من نجاستهما، فقيل: إنهما يحملان على الطهارة، وقيل: إنهما يحملان على النجاسة، وقيل: إنه يحمل سؤره على الطهارة، وما أدخل فيه يده على النجاسة، وقيل في سؤره: إنه يكره ولا يحمل على طهارة ولا على نجاسة. وهذا كله على مذهب ابن القاسم ورواية المصريين عن مالك في أن الماء اليسير تفسده النجاسة اليسيرة وإن لم تغير وصفا من أوصافه، وأما على رواية المدنيين عن مالك في أن الماء قل أو كثر لا تفسده النجاسة إلا أن تغير وصفا من أوصافه فسؤر النصراني وما أدخل فيه يده وإن أيقن بنجاسة يده وفمه، مكروه مع وجود غيره ابتداء مراعاة للخلاف، واجب استعماله مع عدم سواه في الطهارة والتطهير، فالذي يتحصل في سؤر النصراني وما أدخل يده فيه من الخلاف