[مسألة: يغزو أرض العدو فيصنع سرجا ويصنع نشابا فيرمي ببعضها ويبقى بعض]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يغزو أرض العدو فيصنع سرجا ويصنع نشابا، فيرمي ببعضها ويبقى بعض؛ قال مالك: ذلك يسير، ما أرى أن يرد منها شيئا في المقاسم، مثل السرج والنشاب وما أشبهه.
قال محمد بن رشد: قوله ذلك يسير ما أرى أن يرد منها شيئا في المقاسم، يدل على أن الكثير عنده بخلاف ذلك؛ وقد اختلف فيه إذا كان كثيرا على ثلاثة أقوال، أحدها: أنه له بيعه ويخرج به ولا شيء عليه فيه، والثاني: أنه يأخذ إجارة ما عمل فيه والباقي يصير فيئا، وهذان القولان في المدونة. والثالث أن جميعه فيء ولا أجرة له في عمله، وهو قول ابن القاسم في سماع سحنون؛ وأما اليسير فلا اختلاف في أنه له ولا شيء عليه فيه، وهذا الاختلاف إنما هو فيما عمل مما لا ثمن له، أو مما له ثمن على مذهب من يرى أن للرجل أن يأخذ من أرض العدو ما لم يجزه إلى بيوتهم من أشيائهم المباحة، وإن كان له في أرض العدو ثمن مثل المسن والدواء، من الشجر، والطير التي للاصطياد - إذا صادها، وهو قول ابن وهب، وابن عبد الحكم؛ وأما على مذهب من يرى أنه ليس له أن يأخذ شيئا من ذلك - إذا كان له ثمن، وأن ما صاده للأكل، حكمه حكم طعام الغنيمة - إن باع منه شيئا، جعل الثمن في المقاسم، وهو قول ابن حبيب في الواضحة، وعزاه إلى مالك وأصحابه، وقول ابن القاسم في رسم الجواب من سماع عيسى