قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم في هذه المسألة صحيح على قياس قوله في المسألة التي قبلها، فكل واحدة منهما مبينة لصاحبتها. وقوله: قال نعم، معناه لا يكون عليهما يمين؛ وذكر ابن أبي زيد في النوادر هذه المسألة فوصل بقوله: ولا يكون عليهما يمين، قال عيسى، لا أن يدعيه الثاني، فإن ادعاه فله اليمين على المقر له به أولا، فإن حلف فالعبد له وكان للثاني على المقر قيمته، وإن نكل المقر له أولا من اليمين، حلف المقر له آخرا وكان العبد له، ولم يكن على المقر شيء؛ وقول عيسى بن دينار تفسير لقول ابن القاسم، ويأتي على ما لسحنون في نوازله من كتاب الإستلحاق أنه لا شيء على المقر للثاني؛ لأنه إنما أقر له بما قد استحقه الأول بإقراره له به أولا، وبالله التوفيق.
[مسألة: يأتيه رجلان فيقول هذه الوديعة والله لا أدري من دفعها إلي منكما]
مسألة وسئل عن الرجل تكون عنده وديعة مائة دينار، فيأتيه رجلان فيقول هذه الوديعة والله لا أدري من دفعها إلي منكما وتداعيانها جميعا، كل واحد منهما خالصا لنفسه، قال تقسم بينهما بعد أن يحلف كل واحد منهما أنها له، فإن حلف واحد ونكل الآخر، كانت للذي حلف ولم يكن للذي نكل قليل ولا كثير؛ قال: ولو كان قال في مائة دينار عليه دين: والله ما أدري أهي لفلان أو لفلان، فادعاها كلا الرجلين، حلفا وكان عليه لهما غرم مائتي دينار- مائة، مائة، وهو مخالف للوديعة؛ لأن الوديعة في أمانته، والدين في ذمته.