قال محمد بن رشد: قول المغيرة هذا مثل قول عبد العزيز بن أبي سلمة، في آخر أول رسم من سماع ابن القاسم، خلاف مذهب ابن القاسم، وروايته عن مالك فيه، وفي المدونة وغيرها، وقد مضى في السماع المذكور تحصيل القول في هذه المسألة، وتوجيه الاختلاف فيها، فلا معنى لإعادة ذلك، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهادة الغني إذا مطل]
مسألة وسئل سحنون عن قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مطل الغني ظلم» أترى أن تجوز شهادة الغني إذا مطل، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن مطله ظلم؟ " فقال: لا أرى أن تجوز شهادته إذا مطل؛ لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى مطل الغني ظلما، فمن كان ظالما، فلا ينبغي أن تجوز شهادته.
قال الإمام القاضي: هذا بين على ما قاله من أن المعروف بالمطل من غير ضرورة، لا ينبغي أن تجاز شهادته؛ لأن مطل الرجل بحقه إذاية له في ماله، ولا يحل إذاية الرجل المسلم في ماله، كما لا يحل إذايته في دمه، ولا في عرضه، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خطبته بعرفة:«ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» ، وقال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[الأحزاب: ٥٨] ، وبالله التوفيق.