الذي شهد عليه الشاهدان الأولان فيزكي الشاهدان الآخران الأولين، قال: شهادتهما جائزة وتزكيتهما، وقد ثبت الحق على من شهدا له، قيل له: لم؟ قال: من قبل أن الشاهدين قد ثبتا لا محالة؛ ولأن الشاهدين الآخرين زادا صاحب الحق خبرا، أرأيت لو جاءوا مجيء مزكين ألم تثبت تزكيتهم؟ فلما قالوا: شهدنا أن هؤلاء شهدوا بحق وأن الحق لهذا فقد زادوه قوة وتثبيتا لحقه، قيل له: فلو شهد هذان الرجلان وهذان الرجلان لرجلين بحقوق مختلفة، وزكى هؤلاء هؤلاء؟ فقال: تزكيتهم وشهادتهم جائزة، والحق حق لمن شهدوا له.
قال الإمام القاضي: هاتان المسألتان صحيحتان بينتا المعنى فلا وجه للقول فيهما، وبالله التوفيق.
[مسألة: الجرحة على السماع]
مسألة قيل لسحنون: أرأيت لو أني سمعت رجلين يقولان: نشهد أن فلانا عندنا غير عدل ولا رضى، فشهد ذلك الرجل عند القاضي فأمكن القاضي المشهود عليه من تجريح الشاهد فلم يجد اللذين عرفاه بالجرحة حضورا، هل يجوز لي أن أجرحه على شهادة هؤلاء؟ فقال: لا تجوز الجرحة على السماع، قلت: وكذلك لو سمعت رجلين يقولان: نشهد أن فلانا عدل رضى؟ قال لي: نعم كذلك لا يجوز أن تعدله على السماع.
قال الإمام القاضي: قوله: لا تجوز الجرحة على السماع، وكذلك لا يجوز أن يعدله على السماع، معناه أنه لا تجوز الجرحة على السماع على الوجه الذي ذكره من أن يسمع رجلين يقولان: فلان عندنا غير عدل ولا