للأعمال فيسلك به في الضمان سبيل الصناع، ولو باع منه الكباش دون صوفها، أو السيف دون حليته، أو الحائط دون أصل ثمرة استثناها لنفسه؛ لكان جز الصوف، ونقض الحلية وقطع الثمرة على البائع باتفاق، كمن باع من رجل عمودا له عليه بناء، أن عليه إزالة البناء من على العمود حتى يصل المبتاع إلى أخذ العمود الذي ابتاع.
[مسألة: الرزم والتحريك في الكيل]
مسألة وسئل مالك عن الرزم والتحريك في الكيل مثل ما يصنع أهل المغرب، أترى ذلك؟ فقال: ما أرى ذلك، وتركه أحب إلي، فقيل له: فكيف يكال؟ قال: يملأ الويبة من غير رزم ولا تحريك، ثم يمسك الكيال على رأسها، ثم يسرح يديه فهو الوفاء؛ فقيل له: فإن قال البائع للمبتاع: استوف لنفسك، وأبى أن يكيل له، قال: إن كال لنفسه فليستوف ولا يتعدى.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إن الرزم والتحريك في الكيل مما لا ينبغي أن يصنع فيه؛ إذ لا حد له يعرف؛ فمن الواجب أن ينهى أهل الأسواق عن فعل ذلك، والجري عليه سيرة وعرفا؛ لأنه عرف مجهول، فلا يباح لهم التمادي عليه؛ وقوله: وتركه أحب إلي، معناه الوجوب؛ وهذا نحو قوله في كتاب الوضوء من المدونة لا يتوضأ بشيء من الأنبذة، ولا العسل الممزوج بالماء، والتيمم أحب إلي من ذلك؛ أي هو الواجب دونه، والعرف قد تفاضل بين الشيئين، وإن لم يكن للتفاضل بينهما مدخل، فيقول: الجنة خير من النار، والهدى خير من الضلال، وإن لم يكن في النار ولا في الضلال خير؛ قال عز وجل:{آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ}[النمل: ٥٩] ، وقال: