قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى الكلام عليها مستوفى في أول رسم من السماع فلا معنى لِإعادته حيث ما تكررت وبالله التوفيق.
[: شهادة الشاهدين في الوصية]
ومن كتاب أوله صلى نهارا ثلاث ركعات وسئل مالك: عن رجل أوصى في مرضه وأوصى إلى ثلاثة نفر مع امرأته وأحدهم غائب فشهد الوصيان أن هذه الوصيةَ وصيتُه ولم يشهد عليها غيرُهما وقد كان أوصى لهما في الوصية بشيء، قال مالك: ينظر إلى حالهما وإلى ما أوصى لهما به فإن كان الذي أوصى لهما به يسيرا لا يتهمان على مثله لم أرَ أن ترد بذلك شَهَادَتُهما ورأيتها جائزة.
قال محمد بن رشد: أجاز في هذه الرواية شهادةَ الشاهدين في الوصية إن كان الذي أوصى لهما به يسيرا مع أنه أوصى إليهما، فالظاهر من قوله أنه لم يَرَ ذلك تهمة في شهادتهما ومثلُه في المدونة سواء، والمنصوص له فيها أنه لا تجوز شهادةُ الموصى إليه وإن كان طالب الحق غيرَه، وعلى هذا يأتي قولُ سحنون في آخر كتاب الأقضية، وفي سماع أبي زيد من هذا الكتاب إجازةُ الشهادة مثلُ ما يَقُومُ من هذه الرواية، وقولُه: إن كان الذي أوصى لهما به يسيرا لا يتهمان عليه لم أرَ أن تُرَدّ شهادتُهما هو المشهور في المذهب أن شهادة الموصى له بشيء يسير في الوصية جائزة، وقد قيل: إنها لا تجوز، وهو قول مالك في رواية ابن وهب عنه، واختلف على القول بإجارتها، فقيل: إنها تجوز له ولغيره، وقيل: إنها تجوز لغيره ولا تجوز له، وقيل: إن كان معه شاهدٌ غيرُه جازت له ولغيره وإن لم يكن معه شاهد غيره جازت لغيره ولم تجز له، وهو قول يحيى بن سعيد في المدونة، وقد مضى شرح هذا كله وبيانُه في رسم الأقضية الثاني من سماع أشهب من كتاب الشهادات وفي مسألة أفردناها في