تاماً، فيصح رد قوله:{مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}[النساء: ٢٣] إِلَى أول الكلام وهو قوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}[النساء: ٢٣] أَوْ إِلَيهما جميعاً بإِضمار أَعني على ما ذكرناه. والذي قال به عامة العلماء وفقهاء الأمصار: مالك، والشافعي، وأَبو حنيفة، إِن الأم مبهمة لا شرط فيها، وإن الشرط إِنَّما هو في الربائب، فلا يحل نكاح الأم إذا تزوج البنت، وإن لم يدخل بها هو الصحيح، لِأنَّ الظاهر أن الكلام يتم في قوله:{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}[النساء: ٢٣] ويحسن الوقف عليه ثم يبتدأُ بقوله: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}[النساء: ٢٣] الآية.
[ما ذكر من خلاء مسجد النبيّ عليه السلام]
في ما ذكر من خلاء مسجد النبيّ عليه السلام
قال مالك: بلغني أَن سعيد بن المسيب قال: خلاء بيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثلاثة أيام، لم يجمع فيه من حين كان: يوم قُتل عثمان، ويوم الحَرة، ويوم آخر قال مالك: أُنسيته.
قال محمد بن رشد: أما قتل عثمان رضي الله عنه وما وقع يوم قتله ممَّا أدى إلى الاشتغال عن إِقامة الصلاة في المسجد على العادة، فهو معروف، وأمَّا يوم الحَرة فإنه كان في خلافة يزيد بن معاوية سنة ثلاث وستين من الهجرة وذلك أَن أهل المدينة خلعوا طاعة يزيد بن معاوية، وكان القائم بذلك عبد الله بن حنظلة. وكان قد وفده أمير المدينة عثمان بن محمد إلى يزيد بن معاوية فيمن وفد إليه مع بنين ثمانية، فأعطاه مائة أَلف، وأعطى كل واحد من بنيه عشرة ألف درهم، سِوى كسوتهم وحملانهم، فلما قدم المدينة أتاه الناس فقالوا: ما وراءك؟ فقال: أَتيتكم من عند رجل والله لو.