ومن كتاب أوله إن خرجت من هذه الدار قال: وقال مالك: إذا تصدق الرجل بصدقة أو وهب له الهبة، على ألا يبيع ولا يهب. قال: لا يجوز هذا، ويقال للمتصدق: إما أن يغتلها وإلا فخذ صدقتك، قال مالك: إلا أن يكون صغيرا أو سفيها، فيشترط عليه ذلك، إلا أن يحسن حال السفيه، ويكبر الصغير، فيكون لهما بتلا، فذلك جائز.
قال عيسى: أكره أن تقع الصدقة على هذا، فإن وقع مضى، ولم يرد وكان على شرطه.
قال سحنون: إذا تصدق عليه بصدقة أو وهب له هبة، على ألا يبيع ولا يهب، فهي له حبس.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة يتحصل فيها خمسة أقوال:
أحدها: إن الهبة والصدقة لا تجوز، إلا أن يشاء الواهب أو المتصدق أن يبطل الشرط ويمضي الصدقة أو الهبة، فإن مات الواهب أو الموهوب له أو المتصدق، أو المتصدق عليه، بطلت الصدقة أو الهبة، وهو ظاهر قول مالك في هذه الرواية. ومثله قول ابن القاسم في رواية سحنون هذا من هذا الكتاب في الذي يتصدق على الرجل بالشيء، على أنه إن باعه فهو أحق به، يريد: بالثمن وبغير الثمن، قال: ليست هذه بشيء، ومثله أيضا قول ابن القاسم في رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ بعد هذا في الذي يتصدق على رجل بعبد له، ويشترط عليه أن له منه خدمة يومين من كل جمعة، إنها ليست بصدقة إن مات المتصدق، خلاف قول أصبغ فيه من رأيه، فالهبة على هذا القول على الرد، ما لم يجزها الواهب ويمضيه بترك الشرط، فإن استرد هبته من يد الموهوب له، وكان قد سقى وعالج، رجع عليه بما سمى وعالج، قياسا على ما قاله في المدونة في مسألة الفرس.