وسلم-: «نية المؤمن خير من عمله» لزم أن يقال فيها إنها إيمان، إذ لا يصح أن يفارقها الإيمان، فالحجة على المرجئة صحيحة من جهة التلاوة؛ لأن الله عز وجل سمى الصلاة إلى بيت المقدس إيمانا، بدليل أنها نزلت فيها، ومن جهة المعنى الذي ذكرناه أيضا. وعلى طريق التحقيق الصلاة ليست بإيمان منفردة، وإنما هي [إيمان] بالقلب وعمل بالجوارح، فلا يطلق عليها أنها إيمان إلا على ضرب من المجاز، إذ ليست بإيمان منفردة ولا يصح أن يقال فيها إنها غير الإيمان إذ لا يفارقها الإيمان، فهي كالصفة من الموصوف القديم لا يقال فيها إنها هو ولا إنها غيره، فقول المرجئة إن الصلاة ليست من الإيمان باطل بين البطلان، وبالله التوفيق.
[حكاية عن أبي بكر الصديق]
قال مالك: ولما أنزل الله {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ}[النساء: ٦٦] قال أبو بكر الصديق والذي بعثك بالحق إن كنت لفاعلا.
قال محمد بن رشد: لا شك أن أبا بكر الصديق من القليل الذين استثنى الله عز وجل في الآية، فلا أحد أحق بهذه الصفة منه، ويمينه على ذلك برة، وفي هذا حجة لرواية ابن الماجشون عن مالك فيمن حلف في أمر قد سلف لو كان كذا وكذا لفعلت كذا وكذا مما يمكنه فعله أن لا حنث عليه، خلافا لقول أصبغ إنه حانث إذ لا يدرى هل كان يفعل أو لا يفعل. وقد مضى هذا في رسم مرض من سماع ابن القاسم من هذا الكتاب ومن كتاب الجهاد، وبالله التوفيق.