فقال: الاصماء ما لم يبت والانماء ما بات، يعني من الصيد.
قال محمد بن رشد: روي عن ابن عباس أنه قال: ما أصميت فكل، وما أنميت فلا تأكل، وأظنه مرفوعا إلى النبي، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه «نهى عن أكل ما بات من الصيد» ، وأنه قال:«لا أدري لعل هوام الأرض قتلته أو أعانت على حتفه» ، واختلف أهل العلم في هذا، فمنهم من حمل النهي على عمومه، ولم يجز أكل ما بات من الصيد، إلا أن تدرك ذكاته، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة، ومنهم من قال: معنى النهي إذا لم ينفذ الكلب أو البازي مقاتل الصيد، وأما إذا أدركه من الغد قد مات وسهمه في مقاتله أو قد أنفذتها كلابه فلا بأس بأكله؛ لأنه قد أمن مما خافه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أن يكون قد أعان على قتله بعض هوام الليل، وهذا قول ابن الماجشون، وأشهب، وابن عبد الحكم، ومنهم من فرق بين السهم والكلب، فقال: يأكله إذا وجده من الغد ميتا وسهمه في مقاتله، ولا يأكله إذا وجد الكلب قد أنفذ مقاتله، إذ لا يؤمن أن ذلك من فعل الكلب، وهذا قول أصبغ وهو أظهر الأقوال، وهذه الثلاثة الأقوال إنما هي مع إنفاذ المقاتل، وأما إذا وجده من الغد ميتا غير منفوذ المقاتل، فلا اختلاف في أنه لا يؤكل وبالله التوفيق.
[مسألة: يرسل كلبه فيعينه عليه كلب آخر]
من كتاب العرية مسألة وسألته: عن الرجل يرسل كلبه، فيعينه عليه كلب آخر معلم أو غير معلم، فقال: لا يؤكل ذلك الصيد كان معلما أو غير معلم إلا أن يكون الكلب الذي أعانه معلما وقد أرسله صاحبه على الصيد بعينه إذا نوياه جميعا فقتله كلباهما فهو حلال لا بأس بأكله.