قال محمد بن رشد: وإنما يكون ذلك إذا شهد العدول أنه كان يهذي ويتخبل عقله، وأما إذا شهدوا أنه لم يستنكر منه شيء في صحة عقله، فلا يقبل قوله، ويمضي عليه الطلاق. قاله ابن القاسم في العشرة. وكذلك الحكم في السكران. روى ذلك زياد عن مالك. وقد مضى القول في حكم السكران مستوفى في أول كتاب النكاح. وهذه المسألة المتكررة في هذا الرسم من كتاب الأيمان بالطلاق، والله الموفق.
[مسألة: المجنون المغلوب على عقله ضمان ما أفسده من الأموال]
مسألة قال ابن القاسم: وإن قتل أحدا كان من الخطأ، وكان على العاقلة، وما أفسد أو كسر كان بمنزلة الموسوس في ماله، وما جرح كان من الخطأ إن كان مما تحمله العاقلة فعليهم، وإن كان مما لا تحمله العاقلة فعليه.
قال محمد بن رشد: حكم ابن القاسم في هذه الرواية للمريض الذي ذهب عقله، والموسوس فيما جنا أو أفسد من الأموال، بحكم الصحيح، يفعل ذلك خطأ، فأوجب عليهما ضمان ما أفسدا من الأموال، وحمل العاقلة ما بلغ من جنايتهما الثلث فصاعدا، وهو على قياس قول مالك في رواية أشهب عنه، من كتاب الجنايات في المجنون المغلوب على عقله، إنه ضامن لما أفسد من الأموال وقد قيل: إن جميع ما أصاباه في الدماء والأموال هدر، كالبهيمة.
قاله ابن المواز في أحد قوليه في الصغير يحبو فيصيب إنسانا بجرح أو غيره، إنه لا عقل فيه، وقد قيل: إن ما أصاباه من الأموال فهو هدر، وما أصاباه من الدماء والجراح فهو في أموالهما، إلا أن يبلغ الثلث فصاعدا، فيكون على العاقلة، وهو قول ابن القاسم في رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الجنايات.
وجه القول الأول: أن جناياتهم في الأموال والدماء، لما كانت بغير قصد منهم؛ إذ لا يصح القصد منهم، أشبهت جنايات العاقل خطأ، إذ ليست بقصد منه إليها، ووجه القول الثاني: أنهم لما كانوا في هذه الحال ممن لا