وإن إسرار ذلك إظهاره وعلانيته، وإنه يستتاب في ذلك كله، وميراثه لجميع المسلمين؛ لأنه بمنزلة المرتد؛ لأن من أظهر النبوة في نفسه ودعا إليها فقد كذب بما أنزل على محمد - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها نظر، والصواب أن يفرق فيها بين الإسرار والإعلان، وأن يكون حكمه إذا دعا إلى ذلك في السر، وجحد في العلانية حكم الزنديق، لا تقبل له توبة إذا حضرته البينة، وهو منكر للشهادة عليه بذلك، وهو قول أشهب فيمن تنبأ من أهل الذمة، وزعم أنه رسول إلينا، وأن بعد نبينا نبي أنه إن كان معلنا استتيب إلى الإسلام، فإن تاب وإلا قتل سأل ابن عبد الحكم عن ذلك أشهب لسحنون، إذ كتب إليه أن يسأله له عن ذلك، وبالله التوفيق.
[مسألة: سب أحدا من الأنبياء والرسل]
مسألة
قال: ومن سب أحدا من الأنبياء والرسل، أو جحد ما أنزل عليه، أو جحد منهم أحدا، أو حجد ما جاء به فهو بمنزلة من سب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يصنع فيه ما يصنع فيه هو؛ لأن الله تعالى يقول:{آمَنَ الرَّسُولُ}[البقرة: ٢٨٥] إلى قوله: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}[البقرة: ٢٨٥] ، وقال:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ}[البقرة: ١٣٦] الآية، ثم قال تعالى على إثرها:{فَإِنْ آمَنُوا}[البقرة: ١٣٧] الآية، وقال في النساء:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}[النساء: ١٥٠] الآية، ففي هذا كله بيان.