مسألة وسئل عن قول الرجل في صلاة العشاء العتمة، قال مالك: الصواب من ذلك ما قال الله تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ}[النور: ٥٨] ، فسماها الله تعالى العشاء، فأحب للرجل أن يعلمها أهله وولده ومن يكلمه بذلك، فإن اضطر أن يكلم بها أحدا ممن يظن أنه لا يفهم عنه فإني أرجو أن يكون من ذلك في سعة.
قال محمد بن رشد: وجه كراهية مالك أن تسمى العشاء الآخرة العتمة إلا عند الضرورة ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قوله:«لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم إنما هي العشاء ولكنهم يعتمون على إبلهم» . وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا» ، فسمى العشاء في هذا الحديث العتمة، فالوجه في الجمع بين الحديثين أن الذي كانت العرب تعرفه في اسم هذه الصلاة العتمة للمعنى المذكور في الحديث الأول، فكان الأمر على ذلك إلى أن أنزل الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النور: ٥٨] إلى قوله: {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ}[النور: ٥٨] ، فنهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن تسميتها العتمة. وفي كتاب ابن مزين أن من قال في صلاة العشاء العتمة كتبت عليه سيئة، وبالله التوفيق.