{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}[الإسراء: ٧٨] . قال مالك: ذلك وقت صلاة الصبح. قال: والأعراب يقولون صلاة الشاهد صلاة المغرب وذلك أني تفكرت في ذلك فإذا هي لم تنقص في السفر، هي فيه بمنزلتها في الحضر لم تقصر كما قصرت الصلوات، فلذلك سميت صلاة الشاهد.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال إن وقت الصلوات كلها في كتاب الله، ولكنها فيه مجملة غير محدودة، فلو تركنا وظاهر القرآن لم نعرف منه أوائل الأوقات التي لا تجوز الصلاة قبلها من أواخرها التي لا يجوز تأخيرها إلى ما بعدها، ولا وقت الاختيار من وقت الضرورة، ولا وقت التوسعة من وقت الرخصة للعذر، وقد بينت السنة ذلك كله وأحكمته.
فالأوقات تنقسم على خمسة أقسام: وقت اختيار وفضيلة وهو أن يصلي قبل انقضاء الوقت المستحب، وهو القامة للظهر، والقامتان للعصر، والإسفار للصبح، ومغيب الشفق للمغرب على اختلاف في ذلك، وثلث الليل أو نصفه للعشاء الآخرة؛ ووقت رخصة وتوسعة هو أن يصلي في آخر الوقت المستحب؛ ووقت رخصة للعذر وهو أن يؤخر الظهر إلى آخر وقت العصر المستحب أو يعجل العصر في أول وقت الظهر المستحب وهو أول الزوال أو بعدما يمضي منه مقدار ما يصلي فيه صلاة الظهر على اختلاف ذلك؛ ووقت تضييق من ضرورة وهو أن يؤخر الظهر والعصر إلى غروب الشمس، والصبح إلى طلوع الشمس، والمغرب والعشاء إلى طلوع الفجر؛ ووقت سنة أخذ بحظ من الفضيلة للضرورة، وهو الجمع بين الصلاتين بعرفة والمزدلفة.
وقد قيل إنما سميت المغرب صلاة الشاهد من أجل النجم الظاهر عند غروب الشمس، فالشاهد النجم، وهو أظهر مما ذهب إليه مالك؛ لأن الصبح لم تقصر أيضا هي في السفر بمنزلتها في الحضر.