باجتهاده وإن أتى الأدب على النفس وإخراج الروح، وله في الواضحة: إن أقصى ما يبلغ من الأدب في المعروف بالجرم ثلاثمائة فما دون ذلك.
وروي عن أصبغ: أن أقصى الأدب في جرم الفاسد البيِّن الفساد مائتان. وروي عنه: أن ذلك إلى اجتهاد الِإمام، وإن أتى على النفس.
وقد روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من رواية ابن عباس أنه قال:«مَنْ بَلَغَ حَدَاً في غَيْرِ حَدٍّ فَهُو مِنَ الْمُعْتَدِينَ» . وذهب إلى هذا محمد بن مسلمة، فقال: انتهى غضب الله في الزانية والزاني إلى مائة جلدة، فقال:{وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}[النور: ٢] فلم يجعل عليهما أَكثر من ذلك فلا يتجاوز في العقوبة ثمانون سوْطاً.
وقد روى عبْد الله بن مسلمة بن القعب عن مالك: أنه لا يجاوز فيها خمسة وسبعينَ، وأنه كان يقول: الأدب عندي دون الحد. والمشهور عنه المعلوم من مذهبه: أن ذلك إلى اجتهاد الإمام، وهو مذهب ابن القاسم.
وقال أبو حنيفة: لا يبلغ بالضرب أكثر من ثلاثة أسواط في الأدب، ولا يزاد على الثلاثة إلا في حد. وروي ذلك عن الليث بن سعد، وقال أبو يوسف: لا يبلغ في الأدب ثمانين، وقال ابن أبي ليلى، وابن شُبرمة: لا يبلغ فيه مائة.
ومن أهل العلم من رأى: أنه لا يضرب أكثر من عشرة أسواط. وروي مثله عن أشهب. قال: لا يزيد السلطان في الأدب على عشرة أسواط ولا المكتب "كذا" على ثلاثة فإن زاد على ثلاثة اقتص منه. وقد مضى هذا كله في رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم من كتاب الحدود.
[فضل الزمن المتقدم على المتأخر]
في فضل الزمن المتقدم على المتأخر قال مالك: قال عبد الله بن مسعود: لَيْسَ عَامٌ إلَّا وَالَّذِي