وأما من يعتق على الرجل فلا اختلاف في أنه يكون حرا بنفس الملك دون حكم.
واستدلاله بالميراث وسائر أحكام الحرية على الفرق بين من يعتق على الرجل وبين من يعتق بعض عبده بقوله: ألا ترى أن الميراث يجب لمن اشتراه من يعتق عليه من يوم اشتراه، وتكون أحكامه أحكام حر من يومئذ، والذي أعتق بعض عبده لا يجب له الميراث ولا تكون أحكامه أحكام حر حتى يعتق عليه باقيه ليس بصحيح، لأن ذلك هو نفس المسألة، ولا يقاس الشيء على نفسه، وإنما يقاس على غيره، فلا يصح أن يذكر ذلك إلا على بيان افتراق حكم المسألتين، لا على سبيل الاستدلال على الفرق بينهما، وبالله التوفيق.
[: يعتق عبده النصراني ثم يسلم]
ومن كتاب الصبرة وسئل: عن النصراني يسلم وقد كان أعتق أو دبر أو كاتب فيريد أن يرجع في ذلك كله، ويقول: قد كان الرجوع لي جائزا في ديني.
قال: سمعت مالكا يقول في النصراني يعتق عبده النصراني ثم يسلم فيتعلق به يريد استرقاقه، قال: لا أرى أن يحال بينهما. قال ابن القاسم: وأنا أرى المدبر والمكاتب بمنزلة ذلك، لا أرى أن يمنع رد واحد منهما في الرق وفسخ ما كان جعل له إن أحب ذلك ما كانا على دينهما.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم: ما كانا على دينهما - معناه: أنه لا يمنع بعد الإسلام من رد الكتابة والتدبير الذي أوجبه له ما كانا على دينهما، فليس قوله بخلاف لقول مالك، والأصل في ذلك قول الله عز وجل:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨] .