للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوههم من ورائهم؟ وقيل معناه نجعل وجوههم منابت الشعر مثل وجه القرد، لأن منبت الشعر من الآدميين في الأقفا؛ وقيل المراد بالوجوه الدين والإسلام، فالمعنى من قبل أن ترد بصائرهم في الهدى والدين إلى الكفر والضلال فنضلهم إضلالا لا يؤمنون بعده أبدا جزاء لهم على عنادهم، {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} [النساء: ٤٧] معناه أو نلعنكم فنخزيكم ونجعلكم قردة كما لعنا أصحاب السبت، أي أخزينا وأبعدنا الذين اعتدوا في السبت من أسلافكم وجعلناهم قردة وخنازير، فرجع إلى الخبر عن الغائب وقد كان الكلام على الخطاب، وذلك كثير، منه قوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [يونس: ٢٢] ؛ ويحتمل أن يكون المعنى {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} [النساء: ٤٧] ، أي أو نلعن أصحاب الوجوه، فلا يكون في الكلام على هذا رجوع من المخاطب إلى الغائب.

فإن قيل إذا كان تأويل الآية على ما ذكرتم من الوعيد، فهل لحقهم الوعيد إذ لم يؤمنوا؟ قيل له: لم يلحقهم الوعيد لأنه آمن منهم جماعة، منهم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن شعبة، وأسيد بن سعيد، وجماعة غيرهم، فرفع ذلك عنهم بإيمان من آمن منهم. وقيل معنى ما ذكر من طمس الوجوه إنما هو في الآخرة فيحشرون مشوهين، وبالله التوفيق.

[قول عمر بن الخطاب لأسيد بن الحضير فيما كان يكسوه إياه]

في قول عمر بن الخطاب لأسيد بن الحضير فيما كان يكسوه إياه

قال مالك: وكان عمر بن الخطاب يلبس الحلل وكان عمر بن

<<  <  ج: ص:  >  >>