فركب راحلته فصرع، فبلغ ذلك سعيد بن المسيب فقال: ظننت أنه يصيبه ما يكره.
قال محمد بن رشد: قول سعيد: وقد بلغني أنه من خرج بعد المؤذن خروجاً لا يرجع إليه أصابه أمر سوء - معناه: إن ذلك بلغه عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، إذ لا يقال مثله بالرأي، وهي عقوبة معجلة من اللَه عز وجل للخارج بعد الأذان من المسجد على أن لا يعود إليه لإيثاره تعجيل حوائج دنياه على الصلاة التي حضر وقتها.
قال عز وجل:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى: ٣٠] ، وأمّا إن خرج راغباً عنها وآبياً من فعلها فهو منافق. وقد قال سعيد بن المسيب: بلغني أنه لا يخرج أحد من المسجد بعد النداء، إلى حد يريد الرجوع إليه، إلا منافق. وباللَّه تعالى التوفيق.
[ما كان عليه أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في حياته]
فيما كان عليه أصحاب رسول اللَّه
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حياته
إلى أن توفي في التقلل في الدنيا
وترك التنعُّم فيها والرضا بالدون من العيش قال: وسمعت مالكا، يقول: سمعت أنه توفي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليس بالمدينة منخل ينخل به، فقيل لبعض أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كيف كنتم تفعلون؟ قالوا: نطحن الشعير ثم ننفضه ثم ننفخه، فما طار طار، وما بقي بقي.
قال الِإمام القاضي: في هذا دليل على أن أحوال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم تتسع بالوفر والغنى في حياته، كما اتسعت بعد وفاته