يكلف ذلك موروثهم، إلا أن يكون قيامه عليهم بعد أن مات أبوهم بمدة تكون لهم حيازة، فلا يلزمهم ذلك، ويكون القول قولهم مع أيمانهم: لقد اشتراها وما غصبها، أو ما يعلمون بأي وجه صارت إلى أبيهم، ولا أنه غصبها على الاختلاف في هل ينتفع الورثة بحيازتهم دون أن يدعوا الوجه الذي تصيرت به إلى موروثهم، أو لا ينتفعون بها، إلا أن يدعوا ذلك كموروثهم سواء؟ إلا أن يأتي المستحق بالبينة أنه غصبها، فإن أتى بذلك استحق داره إلا أن يأتوا ببينة تشهد لهم أنه اشتراها منه بعد الغصب شراء صحيحا بعد أن ردها إليه، أو وهو قد عاد ممن تجري عليه الأحكام. وقد مضى بيان هذا المعنى في أول رسم من سماع يحيى. وأما قوله: إن الأمير المعروف بالغصب لا يكون حاله حال الغاصب، لا فيما استغل ولا فيما بنى وغرس، فهو صحيح أيضا؛ لأن الغلة قد قيل إنها للغاصب، وإن ثبت الغصب عليه لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الخراج بالضمان» ؛ لأنه لفظ عام مستقل بنفسه، فيحمل على عمومه فيما كان بوجه شبهة وبغير وجه شبهة، على القول بأن اللفظ العام المستقل بنفسه الوارد على سبب يحمل على عمومه، ولا يقصر على سببه الذي خرج عليه من الرد بالعيب، فكيف إذا لم يثبت عليه الغصب؟ وكذلك ما بنى وغرس له قيمة ذلك قائما كما قال، ما لم يثبت عليه الغصب لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ليس لعرق ظالم حق» وبالله التوفيق.
[مسألة: يقول للرجل كنت غصبتك ألف دينار إذ كنت صبيا]
مسألة وسئل سحنون عن الرجل يقول للرجل: كنت غصبتك ألف دينار إذ كنت صبيا، قال: تلزمه. قيل له: فإن قال كنت أقررت لك بألف دينار إذ كنت صبيا، فقال: يلزمه أيضا، وهو عندي مثل الأول.
قال محمد بن رشد: أما الذي قال: كنت غصبتك ألف دينار إذ كنت صبيا، فلا اختلاف في أن ذلك يلزمه؛ لأنه أقر أنه فعل في صباه ما يلزمه، إذ لا اختلاف في أن الصبي ضامن لما أفسد وكسر، وكذلك ما اغتصب فأتلف.