يثبتوا بأي شيء تصير إلى أبيهم؟ فقال: لا يكلفون ما كلف أبوهم، وعلى الطالب البينة أن السلطان كان غصبه منه، بعد أن قيم البينة أن هذا الشيء كان له، قيل له: وما يكون حال هذا الأمير فيما أكل من هذه القرية وغرس وبنى؟ أيأخذه مقلوعا وتكون عليه الإجارة، ويكون كالرجل الغاصب، أم لا؟ وإنما أقام المستحق البينة أن هذا الشيء له، ولم يقم البينة أنه غصبه، وقد قلت: إنه إذا أثبت البينة أن الشيء شيئه سألت الأمير البينة بأي شيء صار في يديه؟ فإن أتى ببينة أنه تصير إليه بحق من الحقوق كان ذلك له، وإلا جعلت الأموال للذي أثبت أصلها، ولم يكلفه البينة، أنه غصبها ولا غير ذلك، وجعلتها له، قال: لا يكون حاله حال الغاصب فيما اغتل وفيما غرس، إلا أن يقيم المستحق البينة أن السلطان غصبها منه، وإلا لم تكن له غلة ما استحق ولا كراء، وللأمير الغاصب قيمة ما بنى وغرس قائما لا مقلوعا، فإن طلب المستحق أن يعطيه ذلك مقلوعا قيل له: فأثبت البينة أنه غصبك هذه الأشياء، فيكون لك ما يكون للمغصوب منه. ويكون عليه ما يكون على الغاصب، وإلا لم يكن لك إلا أرضك، وله ما بنى وغرس قائما.
قال محمد بن رشد: قوله إن السلطان المعروف بالغصب لا ينتفع بحيازة مال الرجل في وجهه مدة تكون الحيازة فيها عاملة إذا أقر بالملك لغيره أو ثبت ذلك عليه وادعى أنه اشترى منه، صحيح مثل ما تقدم لابن القاسم في أول رسم من سماع يحيى. وقد مضى هناك بيان وجه ذلك، فلا معنى لإعادته. وأما قوله: إن ورثته لا يكلفون ما كلف أبوهم من إقامة البينة على الوجه الذي صار إليه به، وإن كان قام عليهم مكانه حين مات، ففيه نظر؛ لأنه جعلهم ينتفعون بحيازته، وهي غير عامدة على القائم من أجل أنه ظالم، فكان القياس أن يكلفوا إقامة البينة على الوجه الذي تصيرت به الدار إلى موروثهم كما كان