ومن كتاب الأقضية وسئل عمن توفي وترك مالا وورثة وأوصى إلى رجل، كيف ترى أن ينفق عليهم؟ قال: ينفق على كل إنسان من مصابته بقدره، ليس الصغير كالكبير، فقيل له: من قدر حصته؟ فقال: ينفق عليه من حصته، وليس الصغير في ذلك كالكبير.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا إشكال فيه؛ لأن نفقة كل واحد منهم على نفسه، بقدر ما يحتاج إليه من ماله، قل أو كثر، فلا يصح أن تكون النفقة عليهم من جملة المال ملغاة، إذ لا يلزم أن يحمل بعضهم شيئا من ذلك عن بعض، وبالله التوفيق.
مسألة وسألته عمن أتاه أخ له من إخوته بكتاب وصيته، قد طبع عليها، فيقول له: اكتب شهادتك في أسفله على إقراري أنه كتابي، ولا يعلم الشاهد ما فيها، فيكتب شهادته في أسفلها على إقراره أنها شهادة وصيته. أترى أن يشهد بها؟ فقال: إن لم يشك في خاتمه، فليشهد، وإن شك فلا يشهد إذا كانت الوصية ليست عنده. قلت له: كيف لا يشك في الخاتم إذا غاب عنه؟ فقال: لا أدري إن شك فلا يشهد. وإن تيقن أنه خاتمه بعينه لم يفض فليشهد. قال: وكان من أمر الناس القديم إجازة الخواتم، حتى إن كان القاضي لم يكتب للرجل بالكتاب إلى القاضي، فما يزيد على خاتمه، فيجاز له، حتى أحدث عند اتهام الناس الشهادة على خاتم القاضي أنه خاتمه، وأن أول من أحدثه أمير المؤمنين وأهل بيته.