قال محمد بن رشد: قوله: إن لم يشك في خاتمه أنه خاتمه، فليشهد، معناه: إن لم يشك في الطبع الذي أشهد هم عليه أنه هو بعينه لم يفض فليشهد، يبين ذلك قوله: وإن تيقن أنه خاتمه بعينه لم يفض فليشهد، وهذا ما لا سبيل للشاهد إلى تيقنه إذا لم تكن الوصية عنده، وقد بين ذلك بقوله: قلت له: وكيف لا يشك في الخاتم إذا غاب عنه؟ فقال: لا أدري، إن شك فلا يشهد، فذلك يرجع من قوله: إنه لا يجوز للشهود إذا أشهدوا على وصية مطبوع عليها أن يشهدوا فيها، إلا أن تكون الوصية عندهم قد دفعها الموصي إليهم على ما وقع في المدونة من قول مالك في رواية ابن وهب عنه: وإذا دفعها إليهم فدفعوها إلى أحدهم أو إلى من وثقوا به من غيرهم فكانت عنده، جاز لهم أن يشهدوا عليها. روى ذلك عبد الرحمن بن دينار عن ابن الماجشون. والذي يتوقع من هذا إذا شهد الشهود. على الوصية، وهي مطبوع عليها، ولم يدفعوها إليهم، وأمسكها عند نفسه أن يكون طبع عليها وهي بيضاء، فيكتب فيها بعدما شاء، ولعل غيره أيضا من أهله قد قبض خاتمه وكتب فيها ما شاء، وطبع عليها بذلك الخاتم، فلو طبع الشهود عليها مع طابعه لجاز لهم أن يشهدوا عليها إذا عرفوا خواتمهم. قال ذلك ابن الماجشون. والذي استحسنه الشيوخ ومضى عليه عمل الناس أنه إذا طوى الكتاب من أوله إلى موضع الإشهاد على نفسه، فطبعه، وقد أبقى الأشهاد على نفسه خارج الطبع، وكتب الشهود شهاداتهم على ذلك، فأمسك الموصي الوصية عند نفسه، فوجدت بعد موته خطا واحدا وعملا واحدا على صفة التقييد الذي كان خارج الطبع، ولم يظهر في الكتاب ريبة، جاز للشهود أن يشهدوا عليه، بخلاف إذا لم يبق من الكتاب خارج الطبع ما يستدل به على أن الوصية كانت مكتوبة، ولم تكن مطبوعة على بياض، ولو أراهم الوصية مكتوبة، وكتبها بحضرتهم فطبع عليها، وأشهدهم على نفسه بما فيها دون أن يقرأها عليهم أو يعلمهم بشيء مما فيها، فكتبوا شهادتهم فيها، لجاز لهم أن يشهدوا عليها بعد موته، وإن لم يدفعها إليهم وكانت عنده إلى أن توفي باتفاق