يرجع في صدقته لم يكن ذلك لَه ومثل هذا في كتاب ابن حبيب وفي المختصر لابن عبد الحكم عن مالك، وقد اختلف قولُ مالك من هذا الأصل فيمن بتل عتق عبد في مرضه وأوصى بعتق عبد له آخر، فكان أولَ زمانه يقول: إنه يبدأ المبتل في المرض ثم رجع إلى أنهما يتحاصان وهو الذي يأتي على ما في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم من كتاب الحبس من أنّ للرجل أنْ يرجع عما حبسه في مرضه إن مات منه وقد مضى الكلام على ذلك هناك مشروحا فلا معنى لإِعادته.
[: أوصى بعتقٍ بتل ودبر]
ومن كتاب سن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ابن القاسم: ولو أن رجلا أوصى بعتقٍ بتلٍ ودبر قال: إن كان في كلمة واحدة تحاصا، وإن لم يكن ذلك في كلام واحدٍ يبدّأ بالأول في الأول.
قال محمد بن رشد: قولُهُ: أوصى بعتق بتل لَا يستقيم، فمعناه أنه بتل عتقه في مرضه ودبر عبدا له آخر، وفي ذلك ثلاثة أقوال؛ أحدها: قوله في هذه الرواية إنهما يتحاصان إن كان ذلك في كلمة واحدة أي في كلام متصل، وهذا عندي على القول بأنه ليس له أن يرجع عما بتله في مرضه إن مات منه خلافُ ما في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم من كتاب الحبس من أن للرجل أن يرجع عما حبس في مرضه إن مات منه.
والقول الثاني: أن المدبر يبدأ على المبتل، وهذا عندي على القول بأن له أن يرجع عما بتله في مرضه.
والقول الثالث: أنه يبدأ المبتل في المرض بما له من مزية عليه في أنه إن صح من مرضه عجل عتقه، وهذا كله إذا كان التدبير والتبتل في فور واحد، وأما إن كان أحدهما قبل صاحبه فيبدأ الأول، واختلفَ قولُ مالك في تبدية العتق المبتل في المرض والمدبر فيه على الموصي بعتقه فقال: يبدأ المبَتل والمدبر، وقال أشهب: يتحاصان، قال: وبلغني أن هذا أحد قولي مالك، فأما الاختلاف في المبتل في المرض والموصي بعتقه فله وجه، وهو ما ذكرت