من الخوف لله عز وجل مخافة التقصير في أمره، مع الرجاء فيما عنده من أن يحله محل الأبرار. وهذا هو الواجب أن يكون الرجاء والخوف في قلب الرجل سيين، فلا يأمن من عذابه ولا يقنط من رحمته، وبالله التوفيق.
[تحسين بناء المساجد]
في تحسين بناء المساجد وذكر من أقام قبلة مسجد الفسطاط ومسجد الرسول - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
وسمعته يقول: المساجد كلها الوليد بناها، يعني كسرها وبنى هذا البناء. قال: وسمعت أنه أقام قبلة هذا المسجد مسجد الفسطاط الكبير نحو من سبعين رجلا من أصحاب رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأتوا عليه بالتحرم والحبال. وسمعته يحدث عن مالك أن جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هو الذي أقام لرسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبلة مسجده.
قال محمد بن رشد: قوله كسرها وبنى هذا البناء، يريد أنه هدمها وبناها فحسن بناءها. وتحسين بناء المساجد وتحصينها مما يستجب، وإنما الذي يكره تزويقها بالذهب وشبهه والكتب في قبلتها، لأن ذلك مما يشغل المصلين ويلهيهم عن الصلاة. وقد مضى ذلك في رسم سلعة سماها، ورسم الشجرة تطعم بطنين في السنة، من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة. ولابن نافع وابن وهب في المبسوطة إجازة تزويق المساجد وتزيينها بالشيء الخفيف ومثل الكتابة في قبلتها، ما لم يكثر ذلك حتى يكون مما نهي عنه من زخرفة المساجد. وقد مضى في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم من هذا الكتاب القول في إقامة جبريل للنبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبلة مسجده فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.