لأبي بن كعب حين أسقط آية من سورة الفرقان:" ما منعك أن تفتح علي؟ قال: خشيت أنها نسخت، قال: فإنها لم تنسخ» . وفيه أيضا دليل على صحة ما ذهب إليه مالك من أن الذي يقرأ السجدة وهو على غير وضوء أو في غير وقت صلاة يختصرها، والصواب أن يختصر جملة الآية لا موضع ذكر السجود خاصة، على ما حكى عبد الحق عن بعض شيوخه؛ لأنه إذا فعل ذلك لم يتسق الكلام وتغير معناه، وقصة أسيد بن الحضير هذه وقعت هاهنا مختصرة، وهي في المصنفات بكمالها، من ذلك قوله فيها: «فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح، فعرجت إلى السماء حتى لم أرها. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم"، ثم قال: "لقد أوتيت يا أسيد من مزامير آل داود» ، يعني حسن الصوت، وهذه كرامة عظيمة لأسيد بن الحضير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلا أنها وما كان مثلها على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنما هي ببركة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهي معدودة من آياته ومن جملة معجزاته. وفي القصة التحريض على تفريغ البال لاستماع القراءة؛ ولذلك أدخلها مالك عقب حديث يحيى بن سعيد، وبالله التوفيق.
[مسألة: يكون له ثوب واحد أترى أن يعقد طرفيه إذا صلى لئلا يسقط عنه]
مسألة وسئل عن الذي يكون له ثوب واحد، أترى أن يعقد طرفيه إذا صلى لئلا يسقط عنه؟ قال: لا بأس بذلك إذا لم يكن له غيره ولم يكن محرما، فإذا كان محرما فلا يفعل، وإن كان له ثوب غيره فأحب إلي أن يأخذ ثوبا آخر أوسع منه، وأحب إلي أن يتزر ويتردى إذا وجد، وكل من لم يجد فيجزئ عنه ما وجده.