لم يطقه فلا حرج، وذلك شأن لا يطيقه إلا الشاب الصحيح الجسم الخفيف اللحم كما قال مالك، والذي ذكر عنه البخاري أحسن وأقرب إلى السكينة، والله أعلم.
[القوم يتذاكرون الفقه القعود في ذلك أحب إليك أم الصلاة]
ومن كتاب أوله صلى نهارا ثلاث ركعات وسئل مالك عن القوم يتذاكرون الفقه، القعود في ذلك أحب إليك أم الصلاة؟ قال: بل الصلاة، فقلت له: فما بين الظهر والعصر؟ قال: قيل لسعيد بن المسيب إن قوما يصلون ما بين الظهر والعصر، فقال سعيد: ليست هذه عبادة إنما العبادة الورع عما حرم الله والتفكير في أمر الله. قال مالك: وإنما كانت صلاة القوم بالهاجرة والليل ولم تكن هذه صلاة القوم.
قال محمد بن رشد: قد روي عن مالك أن العناية بالعلم أفضل من الصلاة، وهو الذي تدل عليه الآثار. روي أن رسول الله، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، قال:«مثل المجاهد في سبيل الله مثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر عن صلاة ولا صيام حتى يرجع» ، وقال:«ما أعمال البر كلها في الجهاد إلا كبصقة في بحر وما أعمال البر كلها والجهاد في طلب العلم إلا كبصقة في بحر» ، ورأى في هذه الرواية أن الصلاة في الأوقات المرغب في الصلاة فيها كالهواجر وآخر الليل أفضل من الجلوس لمذاكرة العلم فكأنه ذهب إلى أن محافظة العلماء على الصلاة في هذه الأوقات وإيثارهم لذلك على الجلوس فيها لمذاكرة العلم إجماع منهم على أن ذلك أفضل، فخصص عموم الآثار الواردة في أن طلب العلم أفضل أعمال البر بهذا الإجماع فرأى