صاحبه، فالشريكان في قسمة مال الغائب بغير إذنه على مذهب أشهب وأصبغ بخلاف المودعين للعلة التي ذكرناها، وقد روى زياد عن مالك أن للمودعين أن يقتسما الوديعة.
فيتحصل في الجملة ثلاثة أقوال، يضمنان جميعا ولا يضمن واحد منهما ويضمن المودعان ولا يضمن الشريكان، وقد مضى القول في الحكم على كل واحد من الوجهين فيما خسر أحدهما فلا معنى لتكراره، وأما ربح أحدهما فقد ذكر في الرواية الاختلاف في ذلك والصحيح أن يكون للغائب ثلث الربح لأنه إنما له ثلث أصل المال الذي كان عنه الربح، ووجه القول الآخر أن الشريك الذي عمل بالمال قد دخل مع الغائب على أن يتساويا في الربح إذ جعل كل واحد منهما مائة كما جعل صاحبه، والقسمة لا تلزمه ولا تجوز عليه، والقول الأول هو الصحيح لأنه يلزم على قياس هذا القول لو ربحا جميعا أن يأخذ الغائب نصف ربح كل واحد منهما فيصير له ربح نصف الجميع وليس له من رأس المال إلا الثلث وبالله التوفيق.
[: شركة الأبدان لا تجوز إلا مع التعاون في الأعمال]
ومن كتاب البيع والصرف وسئل أشهب عن صناعين حداد وجزار في حانوت واحد اشتركا بعمل هذا مع هذا في جزارته وهذا مع هذا في حديده، قال: إن كانا يحسنان ذلك جميعا ويعملان فيه جميعا فلا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال لأن شركة الأبدان لا تجوز إلا مع التعاون في الأعمال لأنهما إذا لم يتعاونا وانفرد كل واحد منهما بعمل له دون شريكه أو أشراكه إن كانوا جماعة كان ذلك غررا؛ لأن كل واحد منهما يقول لصاحبه لك جزء من أجرتي فيما انفرد بعمله، على أن يكون لي بعض أجرتك فيما تنفرد بعمله دوني، وذلك أعظم المخاطرة والغرر. وقد مضى بيان هذا في آخر رسم من سماع ابن القاسم وبالله التوفيق.