قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة والقول فيها في رسم الدور والمزارع، من سماع يحيى، ومضت أيضا في آخر سماع سحنون، فلا معنى لإعادة القول فيها، وقول أصبغ: لأنه يمكن أن يكون كاذبا في الأول فيدين؛ معناه لأنه يمكن أن يكون المدعي كاذبا في دعواه السلف، فيدين الحالف في يمينه، وبالله التوفيق.
[مسألة: يقول للمرأة إن تزوجتك فأنت طالق ولا يدري ما أراد]
مسألة قال وسمعت ابن القاسم يقول في الرجل يقول للمرأة: إن تزوجتك فأنت طالق، ولا يدري ما أراد؟
قال: أرى إن تزوجها بانت منه خوفا من أن يكون طلق البتة، ويكون له النصف من الصداق، ولم يكن ينبغي له أن ينكحها حتى تنكح زوجا غيره، ثم مجراها إن تزوجها بعد زوج مجرى المدخول بها، إن طلقها حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، هكذا أبدا حتى تبين منه بالثلاث تطليقات لكل نكاح طلقة محسوبة إن طلقها إياها، حتى تنكح زوجا غيره، قال: وقد اختلف الناس فيه إذا رجعت إليه بعد هذا الذي فسرت لك أن تبتدئ الطلاق، أو تكون على تطليقة، وأحب إلي أن تكون على تطليقة أبدا، يعمل باليقين ويطرح الشك، قاله أصبغ، وهو قول أشهب أيضا في المدخول بها، وهما سواء.
قال محمد بن رشد: حمل ابن القاسم قوله: ولا يدري ما أراد؛ على أنه لا يدري كم أراد من عدد الطلاق، وأنه أراد شيئا فنسيه، خلاف قول سعيد بن المسيب، ويحيى بن سعيد في التخيير والتمليك من المدونة، فقول ابن القاسم هذا مثل ما في الأيمان بالطلاق من المدونة: أن الشك لا يرتفع بعد ثلاثة أزواج، وأنه باق أبدا لا ترجع إليه متى تزوجها إلا على طلقة، وهو قول سحنون، قال: ولو نكحت بعد عشرة أزواج رجعت إليه أبدا تطليقة