الأشياء. وقد مضى هذا في هذا الرسم من هذا السماع من كتاب الصلاة، وبالله التوفيق.
[الأفضل في الحج بين القفل والجوار]
في الأفضل في الحج بين القفل والجوار وسئل مالك عن الحج، القفل أعجب إليك أم الجوار؟ فقال ما كان الناس إلا على الحج والقفل، ورأيته يريد أن ذلك أعجب إليه. فقلت: فالغزو يا أبا عبد الله فإن ناسا يقولون ذلك، فلم يره مثله وقال: قد كانت الشام حين فتحت وكانت مجال حرب فأقام فيها غير واحد من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، منهم أبو أيوب، ومعاذ، وبلال، وأبو عبيدة.
قال محمد بن رشد: استحب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - القفل من الحج على الجوار اتباعا للسلف، وله وجه من جهة المعنى، وهو أن الحج فرض واجب، والجوار مستحب وليس بواجب، فاستحب أن يفرق بين الواجب وغير الواجب بفعل مباح، كما استحب الأكل يوم الفطر قبل الغدو إلى المصلى، وكما استحب جماعة من العلماء للمعتدة من الوفاة أن تتطيب إذا انقضت عدتها، كما فعلت أم حبيبة حين توفي أبوها أبو سفيان، وزينب بنت جحش حين توفي أخوها بعد ثلاث، وقالتا: والله ما لنا بالطيب من حاجة غير أنا سمعنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«لا يحق لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» . وليس ذلك في الغزو والرباط لاستوائهما في أنهما غير واجبين، لأن الجهاد يسقط الوجوب فيه عن الناس بقيام من قام به، لأنه فرض على الكفاية، وبالله التوفيق.