ومن كتاب أوله مساجد القبائل وسئل مالك عن قتل الكلاب أترى أن تقتل؟ قال: نعم، أرى أن يقتل ما يؤذي منها في المواضع التي لا ينبغي أن يكون فيها. قلت له: في مثل قيروان الفسطاط، قال: نعم، أرى أن يؤمر بقتل ما يؤذي منها. وأما كلاب الماشية فلا أرى ذلك.
قال محمد بن رشد: ذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قتل الكلاب إلى ما رواه في موطئه عن نافع بن عبد الله بن عمر:«أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بقتل الكلاب» ، ومعنى ذلك عنده وعند سواه ممن أخذ بالحديث في الكلاب المنهي عن اتخاذها، وقد جاء ذلك مفسرا في الأحاديث، فلا اختلاف في أنه لا يجوز قتل كلب الماشية، والصيد والزرع.
ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه لا يقتل من الكلاب إلا الكلب الأسود البهيم؛ لما روي عن عبد الله بن عقل قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها؛ فاقتلوا منها الأسود» وقال: من ذهب إلى هذا المذهب: الأسود البهيم من الكلاب أكثر أذى وأبعدها من تعلم ما ينفع. وروى أيضا أنه شيطان، أي بعيد من الخير والمنافع، قريب من الضرر والأذى، وهذا شأن الشياطين من الجن والإنس، وقد كره الحسن وإبراهيم صيد الكلب الأسود، وقال طائفة: إنه يقطع الصلاة، وذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يقتل من الكلاب أسود ولا غيره، إلا أن يكون عقورا