بالصواب؛ لأنه إذا ولى مع القائد حكم في الكورة فقد بان بذلك أنه قد حجر عليه الحكم في الأحكام، وإذا لم يول معه فيها حكم وجب أن يجوز حكمه كما قال مالك في ولاة المياه، وسيأتي من معنى هذه المسألة في رسم أسلم من سماع عيسى وفي رسم الصبرة ورسم المكاتب من سماع يحيى، وفي رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ وبالله التوفيق.
[مسألة: رمي الغير بالكفر]
مسألة وقال عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذا قال أحدكم لأخيه كافرا فقد باء بها أحدهما» .
قال محمد بن رشد: هذا حديث يحتاج وجوها من التأويل: أحدها أن يكون معناه أن من قال لصاحبه يا كافر معتقدا أن الذي هو عليه هو الكفر، فأحدهما على كل حال كافر، إما المقول له إن كان كافرا، وإما القائل إن كان المقول له مؤمنا؛ لأنه إذا قال للمؤمن يا كافر معتقدا أن الإيمان الذي هو عليه كفر فقد حصل هو كافر باعتقاده إيمان صاحبه كفرا، والدليل على ذلك قول الله عز وجل:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}[المائدة: ٥] وأما إن قال لمؤمن يا كافر وهو يظنه كافرا ولا يعلم أنه مؤمن فليس بكافر، وإنما هو غلط. والثاني أن يكون معناه النهي عن أن يكفر الرجل صاحبه باعتقاد ما لا يتحقق أنه باعتقاده كافر؛ لأنه إن لم يكن باعتقاده ذلك كافرا كان القائل له قد باء بإثم ما رماه به من الكفر. والثالث أن يكون معناه النهي عن أن يظن المسلم بأخيه المسلم أنه يعتقد الكفر ويظهر