فتحيض بعد نكاحه إياها حيضتين، ثم يطلقها، ولم يمسها فقال: إن كان دخل بها فإنه متهم عليها، فإن لم يكن دخل عليها فلا عدة عليها، وقد خلت.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه إذا دخل بها فلا بد من استيئاف العدة من يوم طلقها مس أو لم يمس، فإن تصادقا على أنهما لم يمسا؛ لأنهما يتهمان على طرح العدة التي قد وجبت بظاهر الدخول، هذا منصوص في المدونة وغيرها. وأما إذا طلقها بعد أن نكحها، وقبل أن يدخل بها، فإنها تبنى على عدتها الأولى، إذ لا عدة لهذا الطلاق الثاني، فإن كان تزوجها بعد حيضة من يوم خالعها، ثم طلقها بعد أن حاضت حيضتين، فلا عدة عليها. وقد حلت كما قال، وقد مضى القول في هذه المسألة مستوفى في رسم سلعة سماها، من سماع ابن القاسم، من كتاب طلاق السنة، وبالله التوفيق.
[طلق امرأته طلقة وهي حامل]
ومن كتاب الأقضية وسئل عمن طلق امرأته طلقة وهي حامل، فأقام أشهرا ثم باراها على أن عليها رضاع ولدها، فطالبته بنفقتها لما مضى من الشهور قبل المباراة، فقال: طلقها، فأقامت نصف الحمل، لم تأخذ منه نفقة، ثم باراها بأن تكفيه نفقة ولدها، فطلبت نفقتها لما مضى من الشهور قبل المباراة، فذلك لها، قيل: أرأيت إن قالت له: إنما باريتك على رضاعه، فأما نفقة حمل فلا؟ فقال: أما نفقة حملها لما مضى قبل المباراة، فذلك لها، وأما بعد مباراتها، فإنه يعرف أنه لم يكن يمنعها الرضاع، ويعطيها هذا.
قال محمد بن رشد: أما ما مضى من نفقة حملها قبل المباراة فبين، أن ذلك لها كما قال؛ لأنها قد وجبت لها عليه، فلا تسقط عنه إلا بما تسقط به الحقوق الواجبة عمن وجب عليه، وأما نفقة ما بقي من الحمل بعد المباراة، فجعلها تبعا لما التزمت لك من رضاعه بما دل على ذلك من العرف والمقصد،