وسكت، ثم قال بعد ذلك: أنت طالق، فلا يلزمه الطلاق؛ لأن الخلع طلاق بائن، فلا يرتدف عليه الطلاق. وقد كان ابن عتاب يفتي بأن من بارا امرأته في الحيض هذه المباراة، التي جرا عرف الناس عليها، ثم طلقها بعد ذلك، إن الطلاق يرتدف عليه فيها، ما لم تنقض العدة.
وذلك استحسان على غير قياس، مراعاة لقول من يراها طلقة رجعية. وقد حكى عن أبي المطرف بن فرج أنه أفتى بأن يجبر على الرجعة من بارا امرأته في الحيض، وكان يحمل ذلك منه على الوهم والخطأ، وليس بخطأ صراح، ووجهه مراعاة الخلاف في كونها طلقة رجعية.
وأما إن قال لها: أنت طالق طلقة الخلع، فبين أنه لا يلزمه على مذهب ابن القاسم إلا طلقة واحدة، وتكون بائنة؛ لأن ابن القاسم لا يراعي في هذا اللفظ دون المعنى، فيقول: إن الرجل إذا قال لامرأته: قد خالعتك أو باريتك، أو صالحتك، أو طلقتك طلاق المباراة، أو طلاق الصلح، أو أنت مبراة أو مصالحة، أو مخالعة، أو ما أشبه ذلك من الألفاظ، فهي واحدة بائنة على سنة الخلع، وإن لم يأخذ من الزوجة على ذلك شيئا.
وابن الماجشون يرى ذلك كله بتاتا من أجل أنه أراد بها بائنة منه بذلك، ولا تبين المرأة من زوجها إلا بالخلع أو الثلاث، فإذا لم يكن خلعا كان بتاتا، فيراه بمنزلة من قال لزوجته: أنت طالق طلقة بائنة، ومطرف يرى ذلك كله طلاقا رجعيا، ووجه قوله إنه إنما لم يلفظ بالثلاث، ولا أراد البتات وجب أن يكون الطلاق رجعيا؛ لأن الطلقة الواحدة لا تبين فيها المرأة إلا بخلع يأخذه منها.
وقد روى ذلك ابن وهب عن مالك فيمن خالع وأعطى قال في المدونة: وروى غيره أنها بائن، وأكثر الرواة على أنها غير بائن؛ لأنها إنما تبين من زوجها بخلع، فإذا لم يأخذ منها شيئا فليس بخلع، وإنما هو رجل طلق. وأعطى وبالله بالتوفيق.
[مسألة: سألت من زوجها أن يخيرها أو تعطيه عشرة دنانير]
مسألة قال ابن القاسم: قال مالك: لو أن امرأة قالت لزوجها: خذ مني عشرة دنانير، وخيرني، ففعل ذلك، وأجابها وأخذ العشرة، أو