قالت له: ملكني على مثل ذلك، ففعل، أو أراد الصلح، فقال لها: ضعي عني كذا وكذا وأصالحك فتراوضا على ذلك، وأجاب بعضهما بعضا، إلا أنه لم يقع الصلح ولا الإشهاد بينهما، ثم بدا للمرأة في هذه الوجوه بعد أن تواجبا عليها.
قال مالك: أما التي سألت من زوجها أن يخيرها أو تعطيه عشرة دنانير، ففعل وخيرها، فإنها إن اختارت نفسها كانت ألبتة، وإن أبت أن تختار وقالت قد بدا لي، فإن العشرة دنانير تكون للزوج، اختارت أو لم تختر، وكذلك التي سألت التمليك أنها إذا بدا لها وأبت أن تقضي، فالعشرة الدنانير للزوج، قضت أو لم تقض، فإن قضت ولم ينكر ذلك عليها زوجها في مجلسها فهي البتة، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وإن أنكر ذلك وقال: لم أملكك إلا واحدة، كان القول قوله مع يمينه، وكانت طلقة بائنة يخطبها إن شاء مع الخطاب، وإن أراد الصلح على ما ذكرت، فإنها إن بدا لها قبل الإشهاد، ووقع الصلح، فإن ذلك لها، ولا غرم عليها، ولا شيء لزوجها مما سمت له، ولا يلزمه طلاق.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف في أنه لا رجوع للمرأة في العشرة دنانير التي أعطته على أن يملكها أو يخيرها، وإنما قد وجبت للزوج بما أعطاها من التمليك والتخيير، قضت أو ردت، وإنما اختلف قول مالك هل يجوز التخيير والتمليك في ذلك على سننها أم لا؟ فمرة رأى أنهما يحولان عن سنتهما فتقع الطلقة الواحدة بكل واحد منهما بائنة كطلقة الخلع، بسبب ما أعطته من المال، فيكون للزوج أن يناكرها في الخيار، كما له أن يناكرها في التمليك، وتكون الطلقة أو الطلقتان في ذلك بائنتين، فلا يكون للزوج عليها في ذلك رجعة، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية، إذ نص فيها على أنه إذا ناكرها كانت طلقة بائنة، ومرة رأى أن التخيير والتمليك لا يحولان بذلك عن سنتهما معا، فلا يكون لها أن تقضي في الخيار إلا بالثلاث، ولا يكون للزوج أن يناكرها فيها ويكون له أن يناكرها في التمليك، وتكون له الرجعة، وهو الذي