[جعل في عبد له عشرة دنانير لمن جاء به فجاء به رجل لم يسمع بالجعل]
ومن كتاب أوله إن خرجت من هذه الدار
قال ابن القاسم في رجل جعل في عبد له عشرة دنانير لمن جاء به، فجاء به رجل لم يسمع بالجعل. قال: إن كان ممن يأتي بالأباق فله جعل مثله، وإن كان ممن لا يأتي بالأباق، فليس له إلا نفقته، وإن سمع فكان ممن لا يأخذ الأباق، أو ممن يأخذ الأباق فله العشرة.
قال محمد بن رشد: حكى ابن حبيب في الواضحة: أن له الجعل المسمى، علم به أو لم يعلم إذا وجده بعد أن يجعل فيه تكلف طلبه، أو لم يتكلف عن ابن الماجشون وأصبغ وغيرهما من أصحاب مالك، وذكر أنه قول مالك.
ووجه قول ابن القاسم أن الذي أتى به لم يعمل على طلبه، على الجعل المسمى؛ إذ لم يعلم به فوجب ألا يجب له، ووجه ما حكى ابن حبيب أن الجاعل قد أوجب على نفسه ما سمى من الجعل لمن جاء به، فوجب أن يكون له وإن لم يطلبه، أو كان أكثر من جعل مثله إن طلبه، وكان ممن يطلب الأباق. وقول ابن القاسم أظهر؛ لأن الجاعل أراد بقوله: من جاءني بعبدي فله عشرة دنانير تحريض من يسمع قوله على طلبه، فوجب ألا تجب العشرة الدنانير إلا لمن سمع قوله، فطلبه بعد ذلك لا لمن لم يسمع قوله، ولا لمن سمعه، فوجد العبد دون أن يطلبه، فلا اختلاف في أنه لا حق في الجعل لمن وجد العبد قبل أن يجعل فيه الجعل؛ إذ قد وجب عليه رده إلى صاحبه قبل أن يجعل فيه الجعل، واختلف فيمن وجده بعد أن جعل فيه الجعل على قولين؛ أحدهما: أنه لا شيء له فيه إلا أن يسمع الجعل ويطلب العبد، وهو قول ابن القاسم. والثاني: أن الجعل يكون له، وإن لم يسمع الجعل ولا طلب العبد، وهو القول الذي حكى ابن حبيب، وبالله التوفيق.