العقول من هذا السماع وكتاب الصلاة، ومضى من قول ربيعة خلافه في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم من هذا الكتاب ومن كتاب الصدقات والهبات، والتكلم على ذلك كله في المواضع المذكورة، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، وبالله التوفيق.
[صفة الأمر بالمعروف]
في صفة الأمر بالمعروف قال مالك: قال ربيعة سمعت سعيد بن جبير يقول: لو كان المرء لا ينهى عن المنكر ولا يأمر بالمعروف حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر. قال مالك: وصدق، ومن هذا الذي ليس فيه شيء؟
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله إنه ليس من شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون القائم بذلك سالما من مواقعة الذنوب والخطايا إذ لا يسلم أحد من ذلك، وقد قال الله عز وجل لنبيه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}[الفتح: ٢] وفي وصية الخضر لموسى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -: واستكثر من الحسنات فإنك لا بد تصيب السيئات، واعمل خيرا فإنك لا بد عامل شرا. هذا في الأنبياء فكيف بمن دونهم من الناس. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فرائض الأعيان، لقول الله عز وجل:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[التوبة: ٧١] فيجب على كل أحد في خاصة نفسه أن ينكر من المنكر ما اطلع عليه مما مر به واعترضه في طريقه بثلاثة شرائط: أحدها أن يكون عالما بالمنكر؛ لأنه إن لم يكن عالما بذلك لم يأمن أن يأمر