الإنسان يغطي فاه وهو يصلي جبذ الثوب عن فيه جبذا شديدا حتى ينزعه عن فيه، فتغطية الأنف والفم في الصلاة مكروه. وأصل الكراهية فيه أنهم كانوا يلثمون ويصلون على تلك الحال فنهوا عن ذلك. روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«لا يضعن أحدكم ثوبه على أنفه وهو في الصلاة فإن ذلك خطم الشيطان» فرأى مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - تغطية اللحية مكروها كتغطية الفم والأنف لقرب ما بينهما. وقال ابن الجهم: إنه كره تغطية الأنف في الصلاة ليباشر الأرض بأنفه عند سجوده كما يباشرها بجبهته، وليس ذلك بتعليل صحيح، لما جاء من النهي عن تغطية الفم في الصلاة وهو مما لا يباشر الأرض، وبالله التوفيق.
[رفع اليدين في الدعاء]
في رفع اليدين في الدعاء وسئل مالك عن رفع اليدين في الدعاء، فقال: ما يعجبني ذلك. فقيل له: فرفع اليدين في الصلاة عند التكبير؟ فقال: لقد ذكر عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يفعل ذلك إذا كبر وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا ركع، وما هو بالأمر العام، كأنه لم يره من العمل المعمول به، فقيل له: فالإشارة بالأصبع في الصلاة؟ فقال: ذلك حسن. ثم قال على إثر ذلك حجة لتضعيف رفع اليدين في الصلاة أنه قد كان في أول الإسلام أنه من رقد قبل أن يطعم لم يطعم من الليل شيئا، فأنزل لله تبارك وتعالى:{فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة: ١٨٧]