للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأكلوا بعد ذلك.

قال محمد بن رشد: كره مالك رفع اليدين في الدعاء، فظاهره خلاف لما في المدونة، لأنه أجاز فيها رفع اليدين في الدعاء في مواضع الدعاء كالاستسقاء وعرفة والمشعر الحرام والمقامين عند الجمرتين على ما في كتاب الصلاة الأول منها، خلاف لما في الحج الأول من أنه لا يرفع يديه في المقامين وعند الجمرتين. ويحتمل أن تتأول هذه الرواية على أنه أراد الدعاء في غير مواطن الدعاء فلا يكون ذلك خلافا لما في المدونة، وهو الأولى، وقد ذكرنا هذا المعنى في رسم شك في طوافه. وأما رفع اليدين عند الإحرام في الصلاة فالمشهور عن مالك أن اليدين ترفع في ذلك، وقد وقع في الحج الأول من المدونة في بعض الروايات أن رفع اليدين في ذلك عنده ضعيف.

ووقع له في سماع أبي زيد من كتاب الصلاة إنكار الرفع في ذلك، وإلى هذا ينحو قوله في هذه الرواية، لأنه احتج فيها بما دل أن الرفع أمر قد ترك ونسخ العمل به كما نسخ تحريم الأكل في رمضان بالليل بعد النوم.

والصحيح في المذهب إيجاب الرفع في ذلك بالسنة، فهو الذي تواترت به الآثار، وأخذ به جماعة فقهاء الأمصار. وروى ابن وهب وعلي، واللفظ لعلي، أنه سئل عن المرأة أعليها رفع يديها إذا افتتحت الصلاة مثل الرجل، فقال: ما بلغني أن ذلك عليها وأراه يجزئها أن ترفع أدنى من الرجل. وأما رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه فمرة كرهه مالك، وهو مذهبه في المدونة ودليل هذه الرواية وما وقع في رسم الصلاة الأول من سماع أشهب من كتاب الصلاة وحكاية فعل مالك ذلك؛ ومرة استحسنه ورأى تركه واسعا، وهو قول مالك في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب، وروى مثله عنه محمد بن يحيى السمائي؛ ومرة قال: إنه يرفع ولم يذكر في ترك ذلك سعة، وهو قوله في رواية ابن وهب عنه؛ ومرة

<<  <  ج: ص:  >  >>