خروج الإمام، فهي التي تنقسم على خمس ساعات، فيكون الرائح في الساعة الأولى منها كالمهدي بدنة، والرائح في الساعة الثانية منها كالمهدي بقرة، والرائح في الساعة الثالثة منها كالمهدي كبشا أقرن، والرائح في الساعة الرابعة منها كالمهدي دجاجة، والرائح في الخامسة منها المتصلة بزوال الشمس وخروج الإمام كالمهدي بيضة، ولما لم تكن هذه الساعة المنقسمة على خمس ساعات محدودة بجزء معلوم من النهار قبل الزوال فيعلم حدها حقيقة، وجب أن يرجع في قدرها إلى ما اتصل به العمل وأخذه الخلف عن السلف؛ فلذلك قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنه يهجر بقدر، أي: يتحرى قدر تهجير السلف، فلا ينقص منه ولا يزيد عليه أيضا، فيغدو إلى الجمعة من أول النهار؛ لأنه إذا فعل ذلك شذ عنهم، فصار كأنه فهم من معنى الحديث ما لم يفهموه، أو رغب من الفضيلة ما لم يرغبوه، ولم يأمن أن يحب أن يعرف لذلك ويذكر به، فتدخل عليه بذلك داخلة تفسد عليه نيته، وسيأتي القول على ما يخشى من خواطر النفس في رسم "العقول" من آخر هذا السماع إن شاء الله. ووجه استدلال مالك لما ذهب إليه من أن التهجير إلى الجمعة ينبغي أن يكون بقدر؛ لقول الله- عز وجل-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر: ٤٩] أنه حمل قَوْله تَعَالَى: بِقَدَرِ على عموم ما يقتضيه اللفظ من القدر الذي هو المشيئة والإرادة، والقدر الذي هو التقدير والتحديد، فدخل تحت عموم ذلك جميع مقدرات الشريعة، وأما استدلاله على ذلك بقوله تعالى:{قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطلاق: ٣] ، فلا إشكال فيه؛ لأن المعنى {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطلاق: ٣] ، أي: حد له حدا، فوجب أن يمتثل إذا ثبت بما يجب ثبوته به من نص أو دليل، وبالله التوفيق.
[مسألة: تفوته مع الإمام ركعة فيجلس الإمام للتشهد أيتشهد معه وهي له واحدة]
مسألة وسئل مالك عمن تفوته مع الإمام ركعة، فإذا صلى معه ركعة جلس الإمام فتشهد، أيتشهد معه وهي له واحدة؟ فقال: نعم يتشهد.