على أيديهم؛ فإن الواجب فيه على محتكره أن يباع عليه من الناس كافة بالثمن الذي اشتراه به، أو بسعر ذلك اليوم إن جهل ما اشتراه به، وهو يقول في السمن والعسل وما أشبهه من الأدم: إنه لا يمنع التجار من شرائه جملة ليبيعوه على أيديهم، فيأتي على قوله هذا إجازة احتكار الأدم في وقت لا يضر احتكارها بالناس، بخلاف الأقوات من الحبوب كلها، ويتحصل في احتكار الأطعمة أربعة أقوال:
أحدها: إجازة احتكارها كلها القمح والشعير، وغير ذلك من الأطعمة كلها في الأوقات التي لا تضر الحكرة فيها بالناس. والثاني: المنع من احتكارها كلها جملة. والثالث: إجازة احتكارها كلها ما عدا القمح والشعير. والرابع: المنع من احتكارها كلها ما عدا الأدم والفواكه؛ السمن، والعسل، والتين، والزبيب، وشبه ذلك. وقد قال ابن أبي زيد فيما ذهب إليه مطرف وابن الماجشون، من أنه لا يجوز احتكار شيء من الأطعمة، معناه في المدنية؛ إذ لا يكون الاحتكار أبدا إلا مضرا لأهلها؛ لقلة الطعام بها، فعلى قوله هم متفقون على أن علة المنع من الاحتكار تغلية الأسعار، وإنما اختلفوا في جوازه؛ لاختلافهم باجتهادهم في وجود العلة وعدمها؛ ولا اختلاف بينهم في أن ما عدا الأطعمة من العصفر والكتان والحناء وشبهها من السلع، يجوز احتكارها إذا لم يضر ذلك بالناس.
[مسألة: باع جارية واشترط أن ترضع ابنا له سنة]
مسألة وسئل عمن باع جارية، واشترط أن ترضع ابنا له سنة، فقال مالك: إن ماتت الجارية، ثم قال: لا خير في هذا، فقلت له: أرأيت - أمتع الله بك - إن شرط عليه أن الجارية إن ماتت أخلف له مكانها؟ فقال: لا يعجبني، وإنه ليكفي من هذه الأشياء ما مضى