خميصة شامية، لها علم، فلما انصرف من الصلاد ردها إلى مهديها إليه أبي جهم، وقال: "إني نظرت إلى علمها في الصلاة، فكاد يفتنني» . وإذا كان - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خشي على نفسه الفتنة في صلاته، فهي على من سواه متيقنة غير مأمونة، وفي هذا بيان، ولهذا المعنى كره تزويق المسجد. وأما كراهيته لشكل أمهات المصاحف، فالمعنى في ذلك أن الشكل مما قد اختلف القراء في كثير منه، إذ لم يجئ مجيئا متواترا، فلا يحصل العلم بأي الشكلين أنزل، وقد يختلف المعنى باختلافه، فكره أن يثبت في أمهات المصاحف ما فيه اختلاف. وبالله التوفيق.
[مسألة: الصلاة يقرأ فيها في الركعة الأولى بالشمس وفي الثانية بالبلد]
مسألة وسئل عن الصلاة يقرأ فيها في الركعة الأولى بـ (الشمس وضحاها) ، ويقرأ بعد ذلك في الركعة الثانية: بـ (لا أقسم بهذا البلد) ، قال: لا بأس بذلك، لم يزل هذا من عمل الناس، قيل له: أفلا يقرأ على تأليفه أحب إليك؟ قال: هذا كله سواء.
قال محمد بن رشد: ذهب ابن حبيب إلى أن القراءة على تأليفه أفضل، وحكى ذلك عن مالك من رواية مطرف عنه، وقال ابن الحكم، قال ابن حبيب: وأما أن يقرأ في الركعة الثانية سورة أخرى ليست بإثرها إلا أنها تحتها، فلا بأس به، وهو أجوز من أن يقرأ سورة فوقها. ولعمري إن القراءة في الركعة الثانية بما بعد السورة التي قرأ في الركعة الأولى أحسن من أن يقرأ فيها بما قبلها؛ لأنه جل أعمال الناس الذي مضوا عليه، والأمر في ذلك واسع؛ لقوله عز وجل:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}[المزمل: ٢٠] ، وبالله التوفيق.