الأسفل غلق بابه لاستغنى به عنه؛ لكون أسفله خاليا من متاعه أو منه، ومن متاعه لم يجبر على ذلك عند أصبغ، وأما على مذهب أشهب فيجب عليه غلق الباب على كل حال، وقد قال ابن القاسم مثل قول أشهب في مسألة رسم باع شاة، من سماع عيسى، من كتاب جامع البيوع، وعليه يأتي ما روي عنه من أن كنس مراحيض الدور المكتراة على أرباب الدور. والمشهور عنه خلافه أن ذلك على المكتري، وهو على قياس قول أصبغ وابن وهب في هذه الرواية. وقد مضى القول على ذلك كله هناك، وبالله التوفيق.
[: القاضي يقضي بما يختلف فيه وينفذه ثم يريد بعد ذلك تغييره]
ومن كتاب الكراء والأقضية قال أصبغ: سألت ابن القاسم عن القاضي يقضي بما يختلف فيه وينفذه، ثم يريد بعد ذلك تغييره، قال: ذلك له يغيره إذا رأى أحسن منه. قلت: فإن عزل وولي غيره أيكون له أن يغيره؟ قال: لا، قلت: فإن عزل هو ثم رد، فأراد تغييره؟ قال: ليس ذلك له، وقاله أصبغ كله. وقال: عزله ورده كعزله وتولية غيره فيما يرجع وما لا يرجع، تولى بعد ذلك فأقره غيره بعد عزله قبل رده، أو رد بولاية ثانية قبل غيره، فذلك سواء، وليس له تغييره بعد ذلك، ولا ذلك من الفقه.
قال القاضي: لا اختلاف في أن الحكم الخطأ الصراح الذي لم يختلف فيه يرثه هو ومن بعده من القضاة والحكام، وأما ما اختلف فيه، فيرده هو إذا رأى أحسن منه على مذهب أصحاب مالك كلهم، حاشا ابن عبد الحكم، ولا يرده من بعده إلا أن يكون خلاف سنة قائمة، أو يكون الخلاف شاذا فيختلف في ذلك، وقد مضى القول على هذا المعنى مستوفى في رسم الجواب، من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته.