رضي الموصى لهم بضمانهم، وإنما يوقف العبد والحائط إذا حملها الثلث أو أجاز الورثة الوصية، وقوله: إن الوصايا إذا عالت فلم يجزها الورثة، ورجع في ذلك إلى التحاص في الثلث، فما قاله من التعمير في ذلك بين، وبالله التوفيق.
[مسألة: المرأة توصي لزوجها بالوصية ثم تموت وقد كان طلقها]
مسألة وسألت عبد الرحمن بن القاسم عن المرأة توصي لزوجها بالوصية ثم تموت، وقد كان طلقها، فقال ابن القاسم: إن كانت علمت بطلاقه فوصيتها جائزة له، وإن كانت لم تعلم بالطلاق لم تجز الوصية؛ لأنها أوصت يوم أوصت، وهي تظن أنه لها وارث، والوصية للوارث لا تجوز، قال سحنون: وقال لي أشهب: هي جائزة علمت أو لم تعلم. قال سحنون: وأخبرني القرشي عن المخزومي، وابن أبي حازم، وابن كنانة، وابن نافع أنهم قالوا: تجوز وصيتها له، وهي جائزة.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم في هذه المسألة صحيح، واعتلاله ضعيف، فلو قال: إن وصيتها له لا تجوز، إلا أن تعلم بطلاقها إياها؛ لأنها إنما أوصت له لما بينهما من حرمة الزوجية، ولما بين الزوجين من المودة، فأرادت أن تزيده بالوصية على ما فرضه الله له بالميراث، ورجت أن يجيز ذلك له الورثة، ولعلها لو علمت أنه يطلقها لما أوصت له بشيء، أو قد طرد ابن القاسم اعتلاله في هذا على ضعفه، فقال في المدونة: إنه إذا أوصى لأخيه بوصية وهو وارثه، ثم ولد له ولد يحجبه عن الميراث، فالوصية له جائزة؛ لأنه قد تركها بعد الولادة، فصار مجيرا لها بعد الولادة، فالأظهر في هذه المسألة قول أشهب، والمخزومي، وابن أبي حازم، وابن كنانة: إن الوصية له جائزة، وإن لم يعلم بالولادة، والأظهر في أوصت لزوجها ثم طلقها.