قال محمد بن رشد: وكذلك إذا تولى المشتري الوزن لنفسه، فلما استوى لسان الميزان، سقط من يده فتلف؛ أنه من المشتري مثل الكيل، قاله سحنون في غير العتبية على قياس قوله في الكيل؛ وذلك خلاف ما مضى من قول ابن القاسم في رسم نقدها من سماع عيسى، وفي رسم يشتري الدور من سماع يحيى؛ وكذلك لو كان المتولي للكيل هو أجير المبتاع، أو وكيله، أو مستنابه، أو أجير لهما جميعا.
وأما إن كان البائع هو المتولي للكيل، فلا اختلاف في أن ضمان ما في الكيل من البائع وإن امتلأ حتى يصبه في وعاء المشتري، وقد مضى القول على هذه المسألة مستوفى في رسم نقدها من سماع عيسى.
[مسألة: اشترى من رجل زيتا فكال له البائع حتى فرغ]
مسألة وسئل: عن رجل اشترى من رجل زيتا، فكال له البائع حتى فرغ بخابيته، ثم قدم خابية أخرى، فقال للمشتري: كل لنفسك ما بقي، فأخذ المشتري في كيل الخابية الثانية، فصب على زيت الخابية الأولى، فإذا قد سقط فيها فأر فمات، فصب المشتري الفأر على الزيت الطيب؛ هل يكون على المشتري ضمان؟ قال: ما أفسد من زيته الطيب فمصيبة من المشتري.
قال محمد بن رشد: وكذلك لو كان البائع هو الذي يكيل، فكال من الخابية الثانية فصبه على الزيت الذي كان من الخابية الأولى بأمر المشتري، لكان ضمانه من المشتري؛ لأنه إنما صبه عليه بأمره، قاله ابن القاسم في رسم العرية من سماع عيسى؛ وقد مضى القول على ذلك هناك، فلا معنى لإعادته؛ ومصيبة ما صب عليه من الزيت النجس من البائع، ويكونان في ذلك شريكين على قدر الخبيث من الطيب، قاله ابن القاسم في رواية ابن أبي جعفر عنه، وهو صحيح.