ومن كتاب مسائل البيوع قال: وسألته عن الذي يكون منزله على طريق الجلاب يشتري منهم، قال: لا يعجبني أن يشتري منهم إلا الضحايا، وما يريد أن يأكل، فأما أن يشتري ما يريد بيعه، فلا أرى ذلك، وذلك من التلقي. قلت له: أفرأيت الذي يخرج من المدينة، فيتلقى السلع فيشتري، ثم يقدم بها المدينة فيبيع أو يمسك؟ قال: لا خير فيه باع أو أمسك، إنما يجوز ذلك للذي يكون على طريقها منزله يشتري لغير البيع لنفسه، وإنما كره التلقي في أن يذهب الرجل من البلد قد عرف أسعارها فيشتري، ثم يقدم فيبيع على معرفة. وسألته عن تلقي السلع في داخل المدينة بأفواه الطرق، فقال: إن ذلك ليفعل بالمدينة يتلقون بأفواه الطرق، فلا أرى أن يصلح ذلك، وأرى أن يمنعوا منه حتى يهبط بها إلى السوق، وبعض من يحدث يقول في حديثه: حتى يهبط بها الأسواق: فلا أرى ذلك حتى يهبط بها إلى السوق فينالها الضعيف والقوي.
قال محمد بن رشد: أجاز للذي يكون منزله على طريق الجلاب وبينه، يريد أو بين المدينة والحاضرة. الأميال أن يشتري منهم ما يحتاج إليه ليأكله أو يضحي به؛ لما عليه من المشقة في النهوض إلى الحاضرة، ولم يجز لمن كان في الحاضرة أن يشتري ما مر به من ذلك؛ إذ لا مئونة عليه في النهوض إلى السوق لقربه منه، وكذلك لا يجوز له أن يتلقى شيئا منها بالمدينة بأفواه الطرق؛ لأن ذلك بمنزلة أن يخرج من الحاضرة إلى الطرق، فيشتري ما يأتي من الجلائب وهو التلقي المنهي عنه في الحديث.
وأما ما يريد به التجارة، فلا يشتريه بالطريق، وإن مر به