حال الذياب عندنا، ولعلها في المشرق على خلاف ذلك لا تعدو ولا تفترس، [إذ لا اختلاف في أن الثعلب والذيب من السباع ويجوز للمحرم قتلها كالثعلب] . واختلف في صغار ما يعدو ويفترس، فقيل: إن قتلها محظور تودى إن قتلت وهو قول أشهب؛ وقيل: إن قتلها مكروه لا تودى إن قتلت، وهو قول ابن القاسم في كتاب ابن المواز، وقول ابن حبيب في الواضحة، وقيل: إن قتلها جائز، روي ذلك عن أشهب، وقوله: ولكن ظننت أن تراه من السباع، يريد من السباع التي تعدو وتفترس ويجوز للمحرم قتلها، إذ لا اختلاف في أن الثعلب والذيب من السباع.
[مسألة: حديث والمروة منحر وكل فجاج مكة منحر وطرقها منحر]
مسألة وسئل: عن قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في العمرة:«والمروة منحر، وكل فجاج مكة منحر، وطرقها منحر» ، أرأيت من كان معه هدي واجب يسوقه في عمرة قلده وأشعره وأصابه عطب في الطريق فنحره، قال: هذا لا يجزئ عنه، قيل له: إنه نحره في الحرام، قال: لا يجزئ عنه، وحد ذلك عندي [في] الذي يجزئ عنه والذي قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فيما أرى بيوت مكة، قال: حيث البنيان، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وكل طرقها منحر، فهذه طرق مكة وليس بالصحارى» . وقلت له: أرأيت إن نحره في الحرام قبل أن يدخل مكة أو عند ثنية المدنيين؟ قال: ما أراه مجزئا عنه، ألا ترى قول الله عز وجل:{وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}[الفتح: ٢٥] ، وقد نحر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -